مزرعة العيون يعود تاريخها لنحو 40 عاماً


مزرعة العيون يعود تاريخها لنحو 40 عاماً

حاوره – علاء الدين قريعة

المنتج الوطني نجح في تصدر المشهد في وقت قياسي، بهذه الكلمات لخص الدكتور راشد الكواري عميد كلية الآداب والعلوم سابقا ورجل الأعمال المعروف مايشهده القطاع الزراعي من نمو هائل ، علاوة على ماقدمه من تجارب ناجحة وبصمات واضحة في السنوات الثلاث الماضية والتي مكنت الانتاج المحلي من المنافسة وصولا الى مستوى الجودة الذي لفت الأنظار بقوة.
ويرى الدكتور الكواري خلال حواره مع مجلة «مروج» أن سياسة الأمن الأغذائي باتت واضحة للعيان وظهرت جليا مع مساعي المزارع في قطر الى إثبات الذات وتحقيق التقدم على مستوى الصناعات الغذائية.

يقول الدكتور راشد الكواري في بادىء الأمر:
حقيقة الصناعات الوطنية دائما ما كانت تصطدم بعقبة الجدوى الاقتصادية ، بجانب ان الاستيراد المفتوح ووجود الأسواق المجاورة كان يقتل أي جدوى والقوة الشرائية، وبالتالي مقومات المنتج المستورد كانت أفضل بكافة المقاييس ، وكانت تؤثر على نجاح المنتج الوطني وبالتالي يصل اي مشروع وطني لطريق مسدود حتى قبل إعداد الدراسة .
ولكن الوضع اختلف كليا مع بداية الحصار الذي حوَّل الأزمة بطريقة ايجابية لصالح المنتج الوطني على حساب المنتج المستورد ، فضلا عن تحقق شروط النجاعة الاقتصادية ، وتولدت القوة الشرائية وسط البلد والعوامل المحفزة وشجعت العديد من المستثمرين على افتتاح المشاريع الصناعية.

وعن رأيه في منظومة الأمن الغذائي في دولة قطر يضيف:
الأمن الغذائي يشمل عدة محاور وهو حصيلة تضافر عدة عوامل ينتج عنها الصناعات التحويلية الغذائية ، والأمن الغذائي المتعلق بانتاج الخضراوات والفواكه والأمن الغذائي المتعلق بالاشتراطات الصحية وسلامة الأغذية.
وهذه المنظومة لم تكن موجودة قبل الحصار ، وفيما بعد عملت الدولة على تبني فكرة التأسيس للأمن الغذائي؛ لاسيما بعد خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في مجلس الشورى قبل عامين حين أشار الى المزارعين بعينهم وضرورة التحول الى الاستثمار التجاري في المسار الصحيح وألا تقتصر الجهود على المحاولات الزراعية فقط ، وبالتالي باتت الزراعة كاستثمار يدار وفق أسس تجارية ، كما وفرت الدولة الدعم لمن يثبت نجاحه وإدارته الصحيحة لمشروعه ، وبالفعل لمسنا النهضة الزراعية الكبيرة فيما بعد وكانت هناك بصمة واضحة في الانتاج وجميع المزارعين قاموا بدور كبير ، وعملوا على تطوير مزارعهم والاستثمار فيها.
وعلى صعيد الصناعات الغذائية لاحظنا وجودا للمحاصيل الزراعية التي يمكن تحويلها الى صور أخرى من الأغذية علاوة على بعض الصناعات الأخرى ، بجانب الصناعة الداعمة للانتاج الزراعي سواء البلاستيك والصناديق والبيوت المحمية وكذلك الاتجاه لتصنيع أدوات الري والتبريد والتي عززت من القطاع الزراعي ، وهي سلسلة متكاملة بدأت ومستمرة في طور النمو.
وتابع: نحن اليوم كقطاع أمن غذائي نتجه نحو التكامل ونعمل للوصول الى الاستدامة والتي تبنى على معايير عديدة ومحاور مختلفة وبلاشك جميعها يطبق بصورة ممتازة ، بجانب سلامة الغذاء والرقابة على الأسواق والشؤون الصحية بوزارة البلدية ، فضلا عن تعزيز الجوانب التسويقية والشراكات مع العالم الخارجي والاستفادة من العلاقات المتينة لدولة قطر من علاقاتها المتعددة وبالتالي مؤشرات الأمن الغذائي ارتفعت ومنحت قطر المرتبة الأولى عربياً.

المنتج القطري نحو التصدير:

وعلق الدكتور الكواري حول الامكانية في تحول المنتج القطري نحو التصدير واتجاهه نحو الأسواق العالمية بقوله : هناك محاولات حثيثة، وعندما تكتمل المنظومة الزراعية ، وتصل الرؤية الى مستوى التطلعات ، فبالتأكيد الدولة سيكون لها دور كبير خاصة في ظل المبادرات التي تقوم بها سواء من خلال التجمعات الزراعية التي تم تنظيمها والبرامج الرديفة ، وتوزيع البيوت المحمية والتي كان لنا الشرف بتنفيذها في كافة أنحاء قطر حيث أشرفت شركتنا على تركيب جميع البيوت في مزارع قطر ، وبالتالي كل المؤشرات تؤكد وجود وفرة في الانتاج خلال الفترة المقبلة ، وعندما نصل الى الاكتفاء الذاتي فسيكون المنتج الوطني قريبا متجها نحو التصدير على غرار منتجات الألبان وبعض الخضراوات والفواكه وبعض الشركات بدأت بالفعل تتجه للتصدير الذي يعد من أهم العوامل للمحافظة على ديمومة الانتاج من خلال ايجاد أسواق مختلفة تعزز من الموارد الداعمة للانتاج ، والاستفادة من الظروف العالمية الخارجية وهناك أسواق واعدة يمكن قطر من الوصول لها بحكم موقعها الجغرافي وهذه الآفاق التسويقية مهمة.
واليوم باتت قطر منتجة للخضار على مدار فصول العام، في ظل الدعم المقدم للمزارع من قبل الدولة لكي تتحول إلى الاستدامة.

تركيب 3000 بيت مبرد في السنوات الثلاث المقبلة :
قال الدكتور الكواري إن شركة الأفق نجحت في الحصول على مشروع لمناقصتين رئيسيتين لتوريد 1600 بيت مبرد ، وكذلك 1600 بيت غير مبرد وتم الانجاز والتسليم في الفترة الماضية ، وساهم المشروع بتغطية عدد كبير من المزارع في الدولة ووصلت الحصيلة نحو 500 مزرعة ، وقد أشرفت الوزارة على التركيب والتصنيع وكانت تنظر الى التوزيع من باب تصنيف مستوى المزارع ومدى النجاعة الانتاجية ، وحاليا يتم تنفيذ مناقصات جديدة وسيتم التنفيذ في غضون 3 سنوات وكذلك لتركيب 3 آلاف بيت مبرد خلال السنوات هذه لتوسيع رقعة الانتاج في كافة أنحاء الدولة.
اصبروا على محاصيل :
طالب الدكتور الكواري بضرورة الصبر على شركة محاصيل التي لم تكمل عامها الاول ومرت بظروف قاهرة خارج الحسبان أهمها جائحة كورونا ، ومحاصيل هدفها تنمية الواقع الزراعي وتقييمها بعد مضي 3 سنوات على تأسيسها لاسيما ان طموحها كبير ، مشيرا الى أن محاصيل تعد شركة من مجموعة شركات عديدة المسوقة للمنتج الزراعي ولها حدود في التوزيع ، وقطر ملتزمة بالاتفاقيات الدولية ومبدأ التجارة الحرة والمنافسة المفتوحة ، ولكن ربما تكون محاصيل جناح التصدير للمنتج الوطني في السنوات المقبلة ، فضلا عن أن محاصيل تمثل حلماً للكثير من المزارعين منذ أكثر من 30 سنة ، ومحاصيل تتابع كافة الأمور المتعلقة بالامن الغذائي وسنصل الى القوة الشرائية المطلوبة خلال سنتين على الأكثر.
وتابع : شركة محاصيل تلقى دعما متواصلا من قبل الدولة على اعتبار أنها أهم المسوقين للإنتاج الزراعي الآن، وان كانت هناك بعض التفاصيل التي تحتاج إلى إطار تنظيمي لحصص الإنتاج عبر التنسيق بين أصحاب المزارع لأجل حماية مصالحهم .
وتطرق الدكتور راشد الكواري إلى ضرورة وجود شبكة معلومات من خلالها يمكن رسم خارطة استثمارية جيدة للمتطلبات الإنتاجية في الدولة لأن تلك الخارطة تعتبر من أهم أدوات دعم القطاع الخاص والمحافظة على الإنتاج المحلي.

مزرعة العيون تاريخ طويل ومستقبل متجدد:
عائلة تهتم بالزراعة منذ الثمانينات ، ومزرعة العيون الواقعة في مدخل سميسمة على طريق الخور القديم كانت تركز على الخضراوات الموسمية والعديد من الأنواع ولكن لم تكن الاسواق منظمة حينذاك وحتى العوامل المحفزة غائبة ، ومع وفاة الوالد في 2013 تسلمت ادارة المزرعة ، وكانت من أبرز التحديات عدم معرفة مدى الاستثمار وان كان هذا الاستثمار محمي بسوق منظم ، وكنا ننظر الى القوة الشرائية في الفترة التي تلت استضافة قطر لكأس العالم في 2010 وكان التحدي كبيرا وكنا على يقين بان الاستثمار مطلوب ولكن الأسواق المنظمة غير موجودة والرؤية كانت ضبابية ، ومن أهم القرارات التي اتخذتها تأسيس منظومة تجارية زراعية وشركات استشارية زراعية ونقاط بيع رديفة للاستثمار الزراعي ، وتكون المزرعة جزءا من المنظومة ، وبالفعل كانت كلمة السر في نجاح العديد من المزارع الكبيرة المصنفة والتي اعتمدت على ايجاد موارد مادية عبر هذه المنظومة وتبنت فكرة المزرعة تصنف كعمود فقري في هذه السلسلة.
وختم الكواري : المزرعة ازدهرت وطورنا البنية التحتية ، ووصلنا الى 300 بيت زراعي وتبلغ مساحتها 120 هكتارا والمساحة المغطاة تعادل 40 هكتارا ولدينا مساحات مفتوحة وسيارات توزيع ونقطة بيع داخل المزرعة ، والان نحن في قطر نسير بمنحنى تصاعدي وأتوقع ان الوصول لقمة المنحنى بصورة عامة سيكون في بداية 2022.