أصبحت المدينة التعليمية وجهة مفضلة لجميع أفراد المجتمع، وذلك لمعمارها اللافت والجذّاب، وكونها تضم مكتبة وطنية، ومعارض فنية عامة، ومركزًا للفروسية، وفندقًا، وملعبًا للجولف.
تزخر المدينة التعليمية بفروع جامعية للمؤسسات التعليمية المرموقة عالمياً، وجامعة بحثية محلية، علاوةً على حاضنات للمشروعات الناشئة، ومجمعات تكنولوجية، ومواقع تراثية، ومؤسسات ثقافية ومنشآت رياضية وترفيهية وصحية .
تحتضن المدينة التعليمية المترامية الأطراف مبان صممت وشيدت بأفضل المعايير الهندسية والعمرانية حتى يبدو كل بناء جامعي كتحفة معمارية . ويربط بين مرافق المدينة ومبانيها شبكة طرقات مجهزة للمشاة والسيارات ومزينة بأجمل الحدائق والأشجار والأزهار . مما يجعل الطلاب والعاملين في المدينة يعيشون تجربة لاتنسى من الحياة المدنية العصرية .
وقد أضيف إلى هذه المرافق منشأة رياضية جديدة، هي استاد المدينة التعليمية الذي سيستضيف عددًا من مباريات كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، على أن يصبح بعد ذلك مركزًا مفتوحًا لتعزيز اللياقة البدنية يخدم جميع أفراد مجتمع المدينة التعليمية.

جامعات عالمية
وتعتبر المدينة التعليمية، أبرز مبادرات مؤسسة قطر، وهي مكان فريد من نوعه. فرحلة قصيرة واحدة حول أرجائها، ماشيًا كنت أو راكبًا في إحدى عربات الترام، تكفي لزيارة عدد من أعرق الجامعات العالمية والتي يبلغ عددها 9 جامعات و11 مدرسة للتعليم ماقبل الجامعي وسترى تنوعًا كبيرًا في الفعاليات والأنشطة بالمدينة التعليمية أكثر من أي حرم جامعي آخر .
تحتضن المدينة التعليمية مراكز متعددة تحافظ على تراث دولة قطر والعالم العربي، وتسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز التعلم مدى الحياة، وإثراء الإبداع لدى مجتمع المدينة التعليمية والجمهور العام.
يشارك الطلاب في أنشطة لاصفية تقدّمها مدارسهم وجامعاتهم، ويثرون حياتهم الطلابية بالمشاركة في الفعاليات المشتركة، والمبادرات التعاونية، والخدمات والمرافق المفتوحة في حرمنا الجامعي.
مكتبة قطر الوطنية
في أماكن شتى في العالم، ينظر الكثيرون إلى المكتبة باعتبارها مكاناً يرتبط عادةً بالصمت والعزلة. ولكن في قطر، تختلف الأمور كثيرًا عن التصورات المعتادة. فمنذ افتتاحها في أواخر عام 2017، عملت مكتبة قطر الوطنية كواحدة من أكثر الساحات شعبية في البلاد، حيث تقوم بانتظام بتقديم العروض الحية والمحاضرات وغيرها من الفعاليات.
التراث
تضم المكتبة أيضًا مساحات مخصصة لتلبية الاحتياجات المختلفة لأفراد المجتمع، كالمساحات التي تسمح للأطفال باللعب، ورواد الأعمال بالعمل في مشروعاتهم القادمة، والهواة بتجربة الطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها الكثير. بل إن هناك أيضًا مقاعد معلقة مصممة لمساعدة عشاق الكتب في الاسترخاء والاستمتاع بجلسة قراءة لطيفة.
ترام المدينة التعليمية
أطلقت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ترام المدينة التعليمية، الذي يقدم نموذجًا جديدًا من وسائل النقل المستدام في قطر، ويعزز مساعي المؤسسة الرامية إلى بناء منظومة مستدامة، بما يدعم رحلة قطر نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
يتميز ترام المدينة التعليمية بأنه يعمل بالطاقة الكهربائية ويستخدم نموذجًا رائدًا لتكنولوجيا شحن البطارية، ويوفر خدمة نقل الركاب من جميع أفراد المجتمع مجانًا، إذ يُمكنّهم من الانتقال بشكل سلس في المسار الدائري الأكاديمي «المسار الأزرق»، والذي يشمل عددًا من المباني والمرافق الأكاديمية، والمنطقة الخضراء الأكاديمية، إضافة إلى استاد المدينة التعليمية.
يبلغ عدد المحطات الرئيسية ومحطات التوقف 24 بالإجمالي، وستتيح للمشاة وأصحاب السيارات ركن سياراتهم واستخدام الترام للوصول إلى مدارس مؤسسة قطر وجامعاتها ومراكزها ومرافقها العديدة.
وقد حرصت إدارة المشاريع الرئيسية في مؤسسة قطر على ضمان تصميم ترام المدينة التعليمية بما يتناسب مع ريادة مؤسسة قطر في الاستدامة، إذ يشتمل على 19 عربة من طراز «أفينيو» تتميز بالنظام الداخلي لتخزين الطاقة بدلًا عن وجود أسلاك كهربائية ممتدة فوقه. توّفر كل عربة 64 مقعدًا، منها المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مزوّد بأجهزة التكييف بشكل كامل. كذلك يعدّ ترام المدينة التعليمية رائدًا في مجال استخدام البطاريات التي تمكّنه من سير مسافات طويلة دون الحاجة إلى شحن البطارية عند المحطة.
يرتبط ترام المدينة التعليمية بـ»مترو الدوحة» عبر ثلاثة أماكن مخصصة لمواقف السيارات في مؤسسة قطر وتشمل ثلاث أبنية متعددة الطوابق، ما يُساهم في تعزيز شبكة المواصلات التي سيتم استخدامها خلال بطولة كأس العالم فيفا 2022، على أن يستقبل ترام المدينة التعليمية آلاف مشجعي كرة القدم ويوفر لهم رحلة ممتعة وآمنة إلى استاد المدينة التعليمية.

الاستدامة والتراث
يعد الحرم الجامعي للمدينة التعليمية تجسيدًا واضحًا لالتزام قطر بالاستدامة. كل شيء هنا يصب في هدف بناء مستقبل أخضر وصحي لنا جميعًا، من المتنزهات، والمباني المعتمدة من “ليد”، والمباني الخضراء، إضافة إلى العديد من المبادرات المستدامة مثل مجلس قطر للمباني الخضراء، ومعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة.

نادي المدينة التعليمية للجولف
تمكّن جمهور دولي من تجربة الملعب الجديد للجولف، وذلك عند استضافة نادي المدينة التعليمية للجولف، لأول مرة بطولة البنك التجاري قطر ماسترز للجولف، والتي تشكّل جزءًا من الجولة الأوروبيّة، ، حيث حضر لاعبو الجولف من جميع أنحاء العالم.
ويتكون الملعب من 33 حفرة، حيث يضم ملعب بطولات من 18 حفرة، وملعب بطولات من 6 حفر، وملعب من 9 حفر، كما يحتوي النادي، الذي سيكون الثاني في البلاد بعد افتتاحه، على مركز للتميّز من أحدث طراز، ومساحات خضراء، وملاعب متصلة بالكامل بتطبيق TrackMan، إضافة إلى تصميمه المناسب للجميع بغض النظر عن العمر أو الجنس أو مستوى التحدي الجسدي. وقد صَمم الملعب أسطورة الجولف الإسباني خوسيه ماريا أولازابال، والذي تزيد خبرته على 20 عامًا في تصميم ملاعب الجولف.

جامع المدينة التعليمية
خمس سنوات مضت منذ افتتاح جامع المدينة التعليمية في مؤسسة قطر، وإضافةً إلى دوره كجامع، فهو يُجسد معلمًا من معالم الهندسة المعمارية في المنطقة، كما أصبحت له اليوم مكانة كمركز تعليمي في منطقة الشرق الأوسط.
تم تشييد مبنى الجامع ليستقر على خمسة أعمدة كبيرة تمثل أركان الإسلام، وتتميز بآيات منقوشة من القرآن الكريم. وتصل القدرة الاستيعابية للجامع إلى 1800 مصلٍ في قاعة الصلاة الرئيسية، و1000 مصلٍ في الفناء الخارجي، مما يجعله صرحًا معماريًا مثيرًا للإعجاب في المنطقة.
الطموح والاهتمام بالتفاصيل، واضح في هذا المشروع، بدءًا من أهمية اللون الأبيض، لون الإحرام الذي يرتديه الحجاج في مكة، إلى العناصر الطبيعية مثل الماء والنباتات إلى جانب الأنسجة المختلفة التي تزين الطبقات الخارجية للمبنى.
ولعل من أبرز السمات التي تُميز جامع المدينة التعليمية، هو اهتمامه بفن الخط العربي الإسلامي، والذي يتضح في الآيات القرآنية المكتوبة على أعمدته، وهي من عمل طه الهيتي، وهو مهندس معماري وخطاط عراقي، يعيش في لندن.
يقول الخطاط والمهندس المعماري طه الهيتي أنه واجه تحديات عديدة أثناء عمله على النصوص المنقوشة على جامع المدينة التعليمية. وكان التحدي الرئيسي هو نقش آيات من القرآن الكريم في مكان ما، وقد تضمنت المساحة المخصصة للخط المآذن، وهي عناصر رأسية، في حين أن الكتابة باللغة العربية تكون أفقية.
وكان الحل الذي قدمه الهيتي يتلخص في جعل الخط رأسيًا، وهو ما كان له تأثير مذهل، قائلًا: «كان من أكثر الجوانب صعوبة القيام بالكتابة رأسيًا وجعلها قابلة للقراءة، وكنت أسعى لأن أجعل القارئ يحرك عينيه من الأرض إلى السماء، لأنه عندما تكون عينيه على المئذنة سوف يتساءل حول نقوش الآيات القرآنية»
وقد جلب الهيتي خبرته إلى المدينة التعليمية، ولا سيما أن كثيرًا من التحديات التي واجهها تتعلق بالموقع تحديدًا، قائلًا: «كان هناك انعكاسات للنص على أرضية الفناء، مما يعني أن الناس سينتهي بهم الأمر بالسير عليه، وهذا غير مقبول كونه نصاً قرآنياً، وكنت قد كتبت مقالاً طويلاً لتوضيح هذا الأمر».
وأضاف الهيتي: «على الرغم من التحديات العديدة التي واجهناها، إلا أن هذا المشروع بأكمله عبارة عن ثمرة تعاون بين فرق من الفنانين والمهندسين المعماريين والخطاطين لتشييد هذا المبنى الرائع».
تقوم مؤسسة قطر بالكثير، ليس فقط في الفن والعمارة، ولكن في كل شيء. من الجميل أن نرى ما نصنعه عندما نجرب شيئًا جديدًا، إن ثقافة المنطقة وتراثها غنيان للغاية، لذا من الرائع استخدامها بطريقة معاصرة وجديد».